التسميات

2012/11/21

أيها القاسي ليتك تلين





الناظر والمتأمل في أحوالنا وفي أنفسنا وفي تعاملنا مع الله، وتعاملنا مع الآخرين يجد قصورا بينا وخللا ظاهرا، يظهر في «قسوة القلوب» وقسوة القلب ذهاب اللين والرحمة والخشوع، وقد ذم الله هذا الداء العضال الذي ظهر في الأمم السابقة كاليهود وغيرهم، فقال سبحانه (ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) فالقلب القاسي أبعد ما يكون من الله، وصاحبه لا يميز بين الحق والباطل، ولا ينتفع بموعظة، ولا يقبل نصيحة؟

وقد اعتنى الشارع الحكيم بهذا العضو الخطير وسعى الى تطهيره، وتنقيته من الشوائب، وحث العبد على إصلاحه قال الرسول صلى الله عليه وسلم «ألا وإن في الجسد لمضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب» متفق عليه.

إن القلب إذا صلح استقام حال العبد وصحت عبادته، وأثمر له الرحمة والإحسان الى الخلق، وصار يعيش في سعادة وفرحة تغمره لا تقدر بثمن، وذاق طعم الأنس ومحبة الله ولذة مناجاته مما يصرفه عن النظر الى بهجة الدنيا وزخرفها والاغترار بها، والركون إليها وهذه حالة عظيمة يعجز الكلام عن وصفها، ويتفاوت الخلق في مراتبها، وكلما كان العبد أتقى لله كان أكثر سعادة، فإن لله تعالى جنتان من دخل جنة الدنيا دخل جنة الآخرة.

أما إذا قسا القلب وأظلم فسد حال العبد وخلت عبادته من الخشوع، وغلب عليه البخل والكبر وسوء الظن، وصار بعيدا عن الله، وأحس بالضيق والشدة وفقر النفس ولو ملك الدنيا بأسرها، وحرم لذة العبادة ومناجاة الله وصار عبدا للدنيا مفتونا بها، وطال عليه الأمد!

إن للنفس إقبالا وإدبارا ولا بد لها من شيء من اللهو تستجم به وتدفع به نصب العبادة، أخرج الإمام أحمد من حديث أبى هريرة قال: قلنا يا رسول الله ما لنا اذا كنا عندك رقت قلوبنا وزهدنا في الدنيا وكنا من أهل الآخرة فإذا خرجنا من عندك فآنسنا أهلنا وشممنا أولادنا أنكرنا أنفسنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أنكم إذا خرجتم من عندي كنت على حالكم ذلك لزارتكم الملائكة في بيوتكم».. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

لطيفة الفودري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق